الأحد، 25 أغسطس 2013

مسرحية موزارت وسالييري - الكسندر بوشكين

هل حقا لا تجتمع العبقرية والشر, وهل هناك حسد وجريمة في عالم العباقرة
هذا ما حاول الشاعر الروسي الكسندر بوشكين أن يصوره في مسرحيته موزارت وسالييري, حيث كتبها بعد وفاة سالييري بخمس سنين, حيث ثارت شائعات بأن سالييري قد أقدم على قتل موزارت بأن دسم له السم, بعد أن فارق موزارت الحياة عن عمر ال35 بعد صراع مع مرض لم يعرف له الأطباء دواء, وما أجج هذه الإشاعات محاولة سالييري الانتحار.
وسالييري هو أحد أشهر الموسيقيين في ذلك العصر, بل وكان ملحن بلاط الامبراطور جوزيف الثاني, تدور المسرحية في فصل واحد, وبنى بوشكين حبكته للمسرحية من هذه الاشاعة, يبدا المسرحية بمنولوج للموسيقار سالييري, وبين كيف أنه كرس كل حياته ليتعلم فن الموسيقى ويبدع فيه, وكيف أن سالييري كان يلقى كل التقدير والاحترام بين الموسيقيين في عصره, ولم تتولد عنده مشاعر الغيرة والحقد إلا عندما تعرف على موزارت, ذلك الفتى الشاب الذي كانت تأتيه الألحان الرائعة بشكل عفوي ومن غير مشقة, والأدهى أنه لم يكن يقدر مدى روعة وعظمة الألحان التي كان يأتي بها, فقرر سالييري التخلص من موزارت, في أحد الأيام يلتقي موزارت بسالييري, ويسمعه لحنا له, حيث كان اللحن من الروعة والاعجاب لدرجة أججت حقد سالييري على موزارت, وقرر التخلص منه, فماكان منه إلا أن دعاه إلى العشاء في أحد الحانات, ليدس السم له في الشراب ويقضي عليه, يلتقي الاثنان في الحانة, ويتبادلان الاعجاب بمقوطاعتهما, في هذه الأثناء كان سالييري قد وضع السم لموزارت في الكأس, يدور حديث بين الاثنين, وفجأة يتناول موزارت كأسه, وقال لسالييري لنشرب معا نخب رابط الوفاء الذي يجمع بيننا, هنا أحس سالييري بخطيئته وحاول أن يمنع موزات من الشرب لكنه لم يفلح بذلك, بعدها يذهب موزارت إلى البيانو ويعزف مقطوعة يبكي منها سالييري, ويقول موزارت للحاضرين, ليت الجميع يشعر بقوة التناغم مثلك, المختارون مثلنا يترفعون عن تفاصيل الحياة الدنيوية, ليعيشوا في جماليات عالم الفن. لتسدل الستارة وتنتهي المسرحية.
بالأمس نعيت أحد أعز الأصدقاء, إنه الشهيد أبوسعيد كما كان مشهورا بيننا, لأتفاجأ عند استشهاده باسم جديد هو أبوسعيد الله يتوب عليك, أبو سعيد من الشخصيات التي أثرت فيي كثيرا,كان أبوسعيد يحث أصدقاءه على التنافس الشريف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, لكن كان تنافسا لا تشوبه شائبة الغيرة ولا الحقد ولا الحسد, بل كان يسعى إلى نشر الخير بصوته العالي, وكلماته العذبة الرقراقة, كم فرحت بصورته على صفحة أحد التنسيقيات, وهو مرتد لباس الجهاد والمرابطة, لباس العز والشرف, ويشع النور من جبهته الغراء, وشعرت حينها كم نحن مقصرون, كم كان ذلك التناغم بين أبوسعيد ورفاقه باديا في الصورة, كم كانوا يترفعون عن التفاصيل الحياتية الدنيوية, كيف أنهم يعيشون حياة العز والكرامة, مع كل الحصار والجوع الذي يحيط بهم, إنهم يعيشون جمال الروح الحقيقي, الروح الموصولة بالله سبحانه وتعالى, نعم أسدلت الستارة عن حياتك يا أبو سعيد, وكم كنت تنتظر أكلة الكبسة من تحت إيدين خالتك أم وسام, لكن قدر الله أن يطعمك من خير الجنة, فأنتم رجال الله, أعد لكم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر, إن للشهيد شفاعة لسبعين من أهله وأصدقائه, أسأل الله أن يلهمك أن تشفع لي يوم أن تشفع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق