الخميس، 21 يونيو 2012

البلطجة

عرفت مصر خلال الفترة الأخيرة مظاهر متعددة لما أطلق عليه إصطلاح “البلطجة”. وأعتقد أن تعبير “البلطجة” يرجع إلى الممارسات التركية، حيث أن اللفظ جاء – فيما يبدو- من مقطعين “بلطة”، و”جى”، أى “حامل البلطة”. ويبدو أن هذا التعبير كان يطلق على إحدى الفرق العسكرية العثمانية حاملة “البلطة”، وكانت هذه الفرق تستخدم لضمان إستقرار الحكم العثمانى فى مختلف الأمصار الخاضعة للدولة العثمانية حين تقوم الفتن والإضطرابات. وكانت هذه الفرق تستخدم الترويع والعنف للقضاء على كل مظاهر المقاومة ضد إستبداد الحكام. وإذا كان هذا التفسير التاريخى صحيحاً، فإن “البلطجة” بدأت كظاهرة حكومية ثم جرى “تخصيصها” حيث بدأ يستخدمها “الأهالى” أيضاً. فجاءت ظاهرة “البلطجة” الشعبية كنوع من إفساد مفهوم “الفتوه”. فكان كل حى من الأحياء يعرف عدداً من “الفتوات” الذين يحمون الحى من أى إعتداء من الأحياء الأخرى. “فالفتوات” هم أبناء الحى الذين عرف عنهم الشجاعة والشهامة، وكانوا يقومون بالدفاع عن أبناء وبنات الحى من أى إعتداء من أبناء الأحياء الأخرى. وككل شىء يبدأ لأغراض نبيلة، فإنه لا يلبث مع مرور الزمن أن يتدهور يتحول ليصبح “مركزاً للقوة” لحماية المصالح الخاصة بدلاً من حماية الأخلاق والمصلحة العامة. “فالفتوه”، وبعد أن إستقرت سلطته ونفوذه، أصبح يستخدم هذه السلطة والنفوذ لصالحه أو يؤجرها لمن يدفع له أكثر. وبذلك تحول “الفتوه” إلى “بلطجى” يروع سكان الحى ويفرض عليهم الإتاوات، أويؤجر خدماته لأصحاب المصالح.

عن موقع د.حازم الببلاوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق