الاثنين، 25 فبراير 2013

بين التوظيف وخلق فرص عمل

حازم الببلاوي - الأهرام 11-2-2013
 
 
ولكل ذلك فإن العمل هو حق للإنسان بقدر ما هو واجب عليه، بل أن العمل هو شرف له، فلا تكتمل إنسانية الفرد وإحترامه لنفسه إلا بالعمل الجاد والشريف. فمن كان قادراً على العمل، ولا يجد عملاً، فإن إنسانيته لا تكون كاملة. ولذلك فإن المجتمعات التى لا توفر فرصاً كافية للعمل لمواطنيها، فإنها تحرمهم من التمتع بكامل حقوقهم الإنسانية. فالعمل حق بقدر ما هو واجب. فلكل فرد الحق فى العمل الشريف كما أنه واجب عليه، وبالمثل فإن على الدولة أن تعمل على توفير فرص العمل لأبنائها لإستيعاب طاقتهم الخلاقة وبما يعود عليهم وعلى المجتمع بالخير.
ولكن فرص العمل لا تعنى مجرد خلق وظائف وهمية لمجرد توزيع مرتبات على المتقدمين لهذه الوظائف دون أن يكون من وراء هذه الوظائف أية إضافة إلى الناتج القومى. فإذا لم يترتب على العمل “قيمة مضافة”، فهو ليس عملاً بل هو نوع من الإعانة الإجتماعية. ولا يمكن أن تتقدم الدول إعتماداً على الإعانات الإجتماعية وحدها. فالإعانات مطلوبة وضرورة، فى كل مجتمع، لمن تمنعهم ظروفهم الصحية أو الإجتماعية من العمل المفيد، أما أن يتحول جزء كبير من أبناء الشعب إلى منتفعين بالإعانات الإجتماعية تحت أسماء وهمية، فهو خطر على المجتمع وعلى الأفراد.
وطالما نتحدث عن أهمية العمل فى المجتمع، فإنه من الضرورى أن تتضح المسئولية الفردية والإجتماعية. فهناك مسئولية على المجتمع ممثلاً فى الدولة، كما ان هناك مسئولية على كل فرد للبحث عن عمل مشروع. وفى كل هذا فلا وجود للعمل إن لم يكن مرتبطاً بزيادة فى الإنتاج.
الدولة مسئولة عن توفير فرص عمل بخلق مناخ مناسب للإستثمار، وهذا يتطلب ضرورة قيام الدولة بتوفير بنية أساسية مادية ومؤسسية لخلق فرص عمل. فقيام الدولة بدورها التقليدى فى حفظ الأمن والعدل والإستقرار أمر لا مناص منه لخلق فرص العمل. ودون دولة قانون مع قضاء نزيه وعادل وسريع وغير مكلف، فإنه من الصعب تحقيق أى إنتعاش فى الإستثمارات. ولكن الدولة تقوم أيضاً بتوفير مقومات البنية الأساسية من طرق وطاقة وإتصالات ومياة وصرف صحى وحماية للبيئة. كذلك فإن التعليم والتدريب هو أحد المقومات الأساسية لخلق فرص عمل حقيقية وبشرط أن يكون تعليماً حقيقياً وليس مجرد منح شهادات دون تعليم أو خبرة فنية. كذلك فإن الشفافية فى المعلومات أساسية لقيام صناعات قادرة ومنافسة. هذه كلها أوليات لخلق مناخ مناسب لزيادة فرص العمل المنتج. كذلك هناك ضرورة وضوح السياسات الإقتصادية بكل ما يتطلب من توفير البيئة المناسبة للاعمال والإستثمار. وبالمثل فإن الدولة مسئولة عن توفير عناصر العدالة الإجتماعية فى المساواة فى الفرص وتمكين الفئات الضعيفة إجتماعياً من كسر الحواجز التى تحول بينها وبين الإندماج فى الإقتصاد الإنتاجى. وليست السياسة الخارجية بعيدة عن زيادة فرص العمل وذلك بإقامته علاقات صحية مع العالم الخارجى.
وفى كل هذا يتضح أن مسئولية الدولة عن توفير فرص العمل وثيقة الصلة بمسئولية الدولة عن تحقيق التنمية الإقتصادية. ففرص العمل هى نتيجة لتحقيق التنمية كما أنها الوسيلة إليها فى نفس الوقت. ولكن الخطورة تكمن إذا إختارت الدولة الطريق السهل والخاطىء فى نفس الوقت بإعتماد سياسة التوظيف فى الحكومة، بإعتبارها، حلا لمشكلة البطالة. هذا ليس علاجاً للمشكلة بقدر ما هو هروب منها، وتعميق لها. ففى مصر أكثر من ستة ملايين موظف، والحكومة المصرية هى من أكبر الحكومات فى العالم من حيث عدد العاملين فيها. ونتيجة لهذا التكدس الإدارى، فإن مرتبات العاملين (أقصد الغالبية منهم) متدنية ولا تكفى لضمان حياة كريمة. ومن هنا تدنى أو إنعدام الكفاءة فيها وإزدياد معدلات الفساد بها وغلبة التواكل وإنعدام أو ضعف المبادرة والإبتكار فيها. فأجهزة الحكومة ـ فى ظل الأوضاع القائمة ـ وبسبب هذا التكدس الإدارى أصبحت أخطر العوائق للتنمية الإقتصادية والإجتماعية.
من حق الشباب أن يتطلع إلى زيادة فرص العمل، وهى الفرص الحقيقية لتفجير الطاقات وإختبار الأفكار الجديدة. ولكن مزيداً من الوظائف الحكومية ليس، فى أغلب الأحوال، فرصاً حقيقية للعمل بقدر ما هو تخدير مؤقت وغير قابل للإستمرار. لقد قدمت الحكومات السابقة العديد من المشروعات للشباب، ولا أدرى ما آلت إليه هذه المشروعات. وربما تكون هناك حاجة إلى النظر فى تلك المشروعات وإستخلاص الدروس عن أسباب فشلها، إذا لم تكن قد حققت أهدافها، ومحاولة إصلاحها إذا كانت قابلة للإصلاح. لمصر تجربة طويلة فى محاولة زيادة فرص العمل، والتى كانت فى أغلبها زيادة عدد الوظائف الحكومية مما زاد فى تكدس الحكومة وتدهور خدماتها وزيادة أعباء الموازنة دون زيادة حقيقية فى الناتج القومى. وعلينا أن نتعلم من أخطائنا، وليس أن نكررها.
أخشى أن يؤدى الإعتماد على زيادة التوظيف الحكومى إلى تأسيس مجتمع أبوى يعتمد فيه الأفراد على الدولة لتوفير دخل لهم ليس بالمساهمة فى زيادة إنتاجية البلد وإنما بالحصول على مرتب حكومى مع زيادة اعباء البيروقراطية المصرية المعروفة. ونصبح بذلك شعباً من “عيال الدولة” نعتمد فيه على ما تخصصه الموازنة فى بند الأجور دون صلة بما يمكن توفيره للناس من خدمات يحتاجها المجتمع. وتصبح الوظائف العامة عبئاً على الموازنة العامة والمجتمع وليست إسهاماً فى زيادة الناتج والإنتاجية.
حقاً، يجب أن يكون خلق فرص عمل حقيقية هو الهاجس الأكبر للدولة، وبشرط أن تكون هذه الفرصة تعبيراً عن إضافة حقيقية للإقتصاد والمجتمع بزيادة قدرة الإقتصاد وليس بزيادة عدد الموظفين الذين يقال أن إنتاجيتهم الحقيقية لا تجاوز عدة دقائق أو حتى ساعات فى السنة. فمجرد زيادة عدد الموظفين ليس علاجاً لمرض البطالة بل قد يزيده سوءاً. فهذا التوظيف لا يعد أن يكون نوعاً من الهروب إلى الأمام بزيادة أعباء البيروقراطية وترهل الخدمات الحكومية وربما زيادة معدلات الفساد فى المستويات الدنيا والوسطى للعمل الحكومى، وهى أخطر أنواع الفساد. والله اعلم.
فقدت مصر خلال الأيام الماضية أحد علماء الإقتصاد البارزين. الدكتور حسين عبد الله الخبير الإقتصادى المعروف فى إقتصاديات البترول. وقد عمل وكيلاً لوزارة البترول وكانت له إسهامات هامة فى هذا المجال. وقد تعرفت على الدكتور عبد الله أثناء عملنا سوياً فى جامعة الكويت عند بداية إنشائها. رحم الله الفقيد وألهم أسرته الصبر والسلوان
 


الاثنين، 4 فبراير 2013

فائض ميزانية الامارات لعام 2012

بلغ فائض الميزانية العامة للدولة عام 2012 3.4% من الناتج المحلي الاجمالي للدولة والسبب الرئيسي لذلك ارتفاع أسعار النفط عن الأسعار المخططة
لكن هذا الفائض يتحول إلى عجز إذا تم استبعاد عائدات النفط, وهي الحالة المستقبلية على المدى الطويل التي يجب أن تؤخذ في الحسبان
بالمقابل بلغت حصة الفرد من الصناديق السيادية 40 ألف دولار في مقابل 4 آلاف دولار من الدين العام