الأربعاء، 5 يونيو 2013

عن الحريات وهيبة الدولة

بالرجوع إلى التطور البشري, يمكننا ملاحظة أن الناس في البدايات وقبل ظهور الدولة السياسية كانو يعيشون حياة المشاع, التي لا تحكمها سوى شريعة الغاب ومنطق القوة, وكان الكل في حرب مع الكل, ومع تطور المجتمعات البشرية, تخلى الناس عن جزء من حرياتهم لصالح الحاكم, الذي يطبق القانون على الجميع, في سبيل الحفاظ على بقية حقوقهم, أول من كتب في هذا الموضوع الفيلسوف توماس هوبز, حيث كان يعتقد أن سلطة الحاكم يجب أن تكون مطلقة, وأي معارضة للحاكم ستعيد المجتمع إلى حالة الفوضى البدائية, جاء بعد هوبز المفكر الانجليزي جون لوك وقدم الفكر الديموقراطي, ورفض مفهوم الحكم الاستبدادي للحاكم, وقال بأن البديل عن الحكم الاستبدادي هو الحكم الدستوري, الذي يحدد الحقوق الحريات ويدافع عنها, فالحكم الدستوري هو شكل متقدم من الحكم الديموقراطي, حيث أن الحكم الدستوري لايسمح بالتعدي على الحقوق والحريات, ولو كانت الأغلبية توافق على هذا التعدي, فمثلا إجماع 99% من الشعب على إقرار قانون يعتدي على الحقوق والحريات, هو قانون باطل دستوريا, ولا يعتد به. ما يهمنا هنا هو أن حماية الحقوق والحريات لا تتم إلا من خلال وجود سلطة تحمي هذه الحقوق, لذلك أكثر الدول تقديس للحريات, هي أكثر الدول صرامة في تطبيق القانون, واحترام استقلال القضاء, وإن الاخلال في تطبيق القانون, يؤدي إلى ضياع الحقوق, وسقوط هيبة الدولة, مما يمهد للعودة إلى قانون الغاب من جديد. فكيف بمن ضيع البلاد والعباد.
 
عن موقع الدكتور حازم الببلاوي
الاهرام 3 يونيو 2013


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق